بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 ديسمبر 2010

مدرسة الإسلام في إرساء مبادئ بالعلاقات العامة الإنسانية

العلاقات العامة من منظور اسلامي

مدرسة الإسلام في إرساء مبادئ بالعلاقات العامة الإنسانية



يرسم الإسلام صورة متميزة للعلاقات العامة القائمة على ترسيخ الصورة الذهنية المتميزة للفرد والمجتمع ومؤسساته، والتي ترسخ في النهاية أفضل صورة للتلاحم والتواصل والاتصال بين الجميع.
 تركز العلاقات العامة بوجه خاص على دعم الجانب الإنساني للفرد والمجتمع، مما ينعكس على علاقة التواصل والترابط بين كافة اطراف المجتمع ويتولد عنه خليط متميز من التلاحم بين كافة أفراد المجتمع فيما بينهم، وبين منظمات المجتمع وافراده وهيئاته. وتقوم كل هذه الأسس على الدعوة إلى كل ما يعزز الصورة الذهنية عن الفرد بشكل عام. وقد أعطى الإسلام  أهمية بالغة لإرساء قواعد تلك العلاقات، وحدد القرآن الكريم في الكثير من آياته مكارم الأخلاق، ووضع الرسول خطوطها البارزة في سيرته العطرة وتعاليمه الطاهرة. وفي هذا الصدد يشير  د. موسى أبو حوسة في مقاله القيم المنشور بعنوان "آداب المجتمع والعلاقات بين الناس" إلى العديد من هذه الآداب، مثل:
- آداب التحية:
يقول الله سبحانه وتعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيباً) النساء/ 86.
وهذا أدب عال يؤدب الله به عباده، ومن شأنه أن ينشر بين الناس المحبة والسلام فإن الذي يبدأ صاحبه بالتحية قد صار متفضلاً على صاحبه، متقدماً لخطب وده، فإذا لم يقابل هذا الفضل بالشكر فإنه يكون قد جافى واجب الأدب، وحق الأخوة، أما إذا أدى لصاحبه مثل تحيته فقد أدى حقه عدلاً، ولكن الذي يحييه بأحسن من تحيته يشعره بأنه يقدره ويعرف له جميله، وما كان له من فضل البدء، وإنه لذلك لا يكتفي برد تحيته ولكن يحييه بأحسن منها.
والقرآن يبدأ بأحسن الصورتين، وهي التحية بما هو أحسن ليشعرنا بأن ذلك هو الأَوْلى. ولهذا الأدب إيحاء وتوجيه ربما كان اللفظ في الآية ناطقاً بهما فإن التحية ليست هي خصوص القول ولفظ السلام وما إليه من العبارات التي جرت عادة الناس على أن يتبادلوها فحسب، ولكنها أوسع من ذلك، فهي تشمل أي معروف يقدمه انسان لآخر، فإذا زارني أخ مجاملاً إياي كان علي أن عرف له تلك الزيارة، وأن أعدها تحية منه لي، يجب علي أن أحيّيه بأحسن منها أو أردها على الأقل، وإذا أهدى إلي صديق هدية تكريم ومودة عرفت له ذلك، وإذا تحدث عني بالخير عرفت له ذلك.. وهكذا نجد هنا أسساً لأدب التعامل في المجتمع، ومظهراً من مظاهر الشكر والعرفان والعدل والإحسان.
والسلام هو التحية المباركة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) النور/ 61.
وفي سبيل بلوغ هذا الحد من الترابط يضع الاسلام أمام أبنائه غايات اجتماعية يغريهم ببلوغها ويحفزهم إلى الارتقاء إليها، ما داموا يبتغون رضوان الله ويطلبون مثوبته وهي في نفس الوقت أواصر قوية تشد بناء المجتمع وتوثق صلة أفراده.. وذلك ما يصوره الحديث الشريف عن أبي هريرة (رض) عن النبي (ص) قال: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم). رواه مسلم وأبو داود والترمذي. لا تؤمنوا إيماناً كاملاً حتى يحب بعضكم بعضاً وحتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
فما المغزى الديني لهذه الوصية الجليلة؟
إنها ليست ذات صلة بالعبادة أو الشعائر، وليست ذات هدف غيبي أو اعتقادي، ولكنها دفعة قوية لتأكيد العلاقة بين المسلمين وتركيب لسلامة الإيمان وحسن المستقبل في الآخرة على قوة ارتباط المسلم بإخوانه وحبه لهم.. وهي تفتح أبواب المحبة بين المؤمنين وتوحد بين قلوبهم بشعار السلام الذي يشيعونه في مجتمعهم ويملأون به الأسماع. وعن عمران بن حصين (رض) قال: جاء رجل إلى النبي (ص) وقال: السلام عليكم فرد عليه ثم جلس فقال النبي (ص): عشر (له عشر حسنات على قوله السلام عليكم)، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال: عشرون (له عشرون حسنة لأنه زاد عن الأول ورحمة الله) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس فقال: ثلاثون. رواه أبو داود والترمذي (له ثلاثون حسنة لأنه زاد عن الثاني وبركاته) وهذه نهاية ألفاظ السلام وأكملها والرد كذل ون كان ثوابه أكثر لأنه فرض.
 - كظم الغيظ وعدم الغضب:
ويعتبر كظم الغيظ وعدم الغضب أعظم هذه المكارم لأنه لا يقدر عليه إلا الشديد على نفسه القوي في دينه، روى أن رسول الله (ص) قال: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد مَن يملك نفسه عند الغضب) رواه مسلم. وفي حديث آخر يقول الرسول (ص): (مَن كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، ملأ الله جوفه أمناً وإيماناً) رواه أبو داود.
ويليه من صفات المؤمن القوي الصبر والعفو وتحمل الأذى. والصبر هو إمساك النفس عند المكروه خوفاً من الله وأملاً في رضاه. والعفو هو الصفح، والتجاوز، قال تعالى: (فمن عفا واصلح فأجره على الله)، وقال تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الأعراف/ 199، قيل في معناها تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك. ونصر المسلم من حقوق المسلم على المسلم بل نصر المسلم وستره واجبان، عن جابر (ص) أن النبي (ص) قال: (ولينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوماً فلينصره) رواه الشيخان والترمذي. وسبب هذا الحديث إن غلاماً من المهاجرين اقتتل مع غلام من الأنصار فنادى المهاجر: يا للمهاجرين ونادى الأنصار يا للأنصار فخرج رسول الله (ص) فقال: ما هذا؟ إن هذه دعوة الجاهلية، فقالوا: لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فلسع أحدهما الآخر (ضربه على عجيزته)، قال: فلا بأس، ولينصر الرجل أخاه.. إلى آخر الحديث، السابق ذكره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق